
ثلاث محطات أساسية ساهمت بتوتير العلاقة بين جمهوري التيار الوطني الحر وحزب الله في الآونة الأخيرة. أتى ذلك نتيجة اختلافات في القراءة السياسية بين الحزبين، فما هي وكيف انعكست على القيادتين؟
نقطة الخلاف الأولى تمثّلت بإصرار حزب الله على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي رئيسًا مكلّفًا تشكيل الحكومة، وتسهيل عملية تسميته من قبل حلفاء الحزب. هنا كان للتيار الوطني الحر رأيه بعدم تسمية من عليه علامات استفهام في ملفات فساد على حدّ تعبيره، في حين لحزب الله حسابات أخرى تتمثّل بعدم استفزاز الأكثرية السنيّة المتمثّلة اليوم بنادي رؤساء الحكومات. شارع “التيار” كان له رأيه في هذا الإطار وشهدت مواقع التواصل الإجتماعي انتقادات كبيرة للحليف الأساسي.
ثانيًا، وما كان أشدّ توتيرًا للمشهد، هو الهجوم الذي شنّه جمهور حزب الله على الجيش اللبناني بعد حادثة خلدة محمّلًا اياه مسؤولية ما حصل. بيئة التيار الوطني الحر، والتي ما زالت تؤمن بأن الجيش هو المدماك الأساسي للبلاد، لم تستلطف بتاتًا هذه الحملة. اعتبرت أن استهداف الجيش من قبل جمهور الحزب يصبّ في خانة استهداف الشرعية اللبنانية. هذا الأمر حاول “التيار” لسنوات نفيه من خلال تبرير الحاجة لسلاح حزب الله أمام الشارع المسيحي رافضًا اعتبار أنّه يمسّ بالشرعية.
أجواء الحزب عادت لتوضح فيما بعد أنها لم تنتقد الجيش كمؤسسة وعسكريين، وإنّما كقيادة تعطي الأوامر وتعكس سياستها على أداء عناصرها على الأرض.
ورغم هذا التبرير، بات التوتّر أكبر حتى جاء الهجوم على البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ليصبّ الزيت على النار. حتى أنّ بيان تكتّل “لبنان القوي” كان واضحًا برفض الهجوم وانتقاد الاتهامات بالعمالة مع كل من يخالف الحزب وجهة نظره. بالطبع بيان التكتّل أتى أشّد وطأةً من كلام جمهوره عبر وسائل التواصل، الذي بات يقولها صراحةً أن أداء حزب الله لا يرضيه!
على صعيد القيادتين، الأمور أهدأ وأوضح بعض الشيء. اذ أنّه، وعلى عكس ما توحي أجواء الجمهورية وبعض الإعلام، فإن العلاقة ما زالت علاقة حليفين لصيقين واضحين في تحالفهما.
فالحزب والتيار، لا سيما بعد الـupdate الذي شهدته ورقة التفاهم أخيراً، شرّعا لنفسيهما الإختلاف الكبير في السياسة راسمين لهذه العلاقة عناوين أساسية وثوابت وطنية لا تراجع عنها. هنا، يمكن القول أن الجانبين لم يُحسنا نقل التماهي بين القيادتين إلى الحالة الجماهيرية على الأرض، ولكن هذا التحالف بورقته وأساسه ما زال موجودًا وسيستمر.