
“الراي الكويتية”:
أثارتْ الحركةُ الديبلوماسيةُ المتسارعة التي تشهدها بيروت علامات استفهامٍ حول خفاياها ومآلاتها المحتملة على صعيد نزْع «صواعق» الأزمة الشاملة التي أَطْبَقَتْ على لبنان والتي يشكل مأزق تأليف الحكومة الجديدة عنصراً رئيسياً فيها بعدما باتت التشكيلة العتيدة، حجماً وتوازنات، المؤشرَ الأبرزَ لبدء تغييرٍ في المسار اللبناني على متن إصلاحاتٍ صارت، بالنسبة الى الخارج، بمثابة محاولة للتفكك من «المحور الإيراني» الذي استُرهنت له «بلاد الأرز» والذي تتعدّد «مَقابض نفوذه» في الدولة وشرايينها المختلفة.
وجاء الحِراكُ غير العادي أمس، للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا التي زارت كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، فيما كانت السفيرة الفرنسية آن غريو تجتمع مع رئيس البرلمان نبيه بري، على وهج الحضور الطاغي للمأزق اللبناني على أجندة المجتمع الدولي بدفْعٍ فرنسي تُوِّج بوضْع هذا الملف أمس، على طاولة قمة الاتحاد الأوروبي الافتراضية التي شارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن.
واكتسبتْ حركة شيا وغريو في اتجاهات المقرات الرئاسية الثلاثة، أهميةً كبيرةً وخصوصاً أنها أتت غداة لقائهما إضافة إلى السفير الكويتي عبدالعال القناعي، كلٌّ على حدة، مع السفير السعودي وليد بخاري الذي كان زار عون، يوم الثلاثاء.
وإذا كانت محطة بخاري في القصر الجمهوري جاءت بحسب السفير السعودي «بعد ثلاثة نداءات ملحة ومتكررة من قصر بعبدا»، فإن السفيرة الأميركية أعطت إشارةً إلى أن زيارتها لعون أتت بطلب منها، وسط غموضٍ لفّ خلفيات «الديبلوماسية المتعددة» التي نشطت في الساعات الماضية ولم يكن ممكناً تَلَمُّس كل أبعادها، رغم الاقتناع بأنها مرتبطة بأمريْن:
* الأول ملامح قوّة الدفع «بالضغط» التي ترتسم دولياً تحت سقف المبادرة الفرنسية الرامية لاستيلاد حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين وبلا ثلث معطّل لأي فريق، تكون قادرة وملتزمة القيام بالإصلاحات الشَرْطية لأي دعمٍ مالي للبنان، في ظل ترسُّخ اقتناعٍ لدى العارفين بطبيعة الأزمة و«ترياقها» بأن استنهاضَ الاهتمام الدولي بالملف اللبناني يبقى حتى الساعة في إطار التلويح بـ «عصا» الضغط أكثر منه في سياق «مشروع حلّ» لم تنضج مقوّماته التي تحتاج إلى تقاطُعات اقليمية و«شَبْكٍ» مع إيران التي مازالت في أوج «الاشتباك» مع الولايات المتحدة وحلفائها حول النووي ونفوذها في المنطقة.
وفي حين ذكّر العارفون بأن مواقف السفير السعودي من على منبر القصر الجمهوري اختصرتْ مقاربةَ الرياض «الثابتة» للواقع اللبناني وفق «ثلاثية» الدعوة للإسراع بتأليف حكومة قادرة «والحاجة الملحّة للشروع الفوري بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان» والتمسك بمضامين «قرارات مجلس الأمن 1701، و1680، و1559» وأن «اتفاق الطائف هو المؤتمَن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان» بما انطوى على إشاراتٍ منتقاة بعناية، فإن مواقف السفيرة الأميركية لم تَبْدُ، وفق هؤلاء ـ بعيدة عن التصويب الضمني على فريق عون بكلامِها عن «الشروط والعرقلة» والدعوة لـ «تسوية الشجعان».